الشيخ/ سليمان بن محمد بن ناصر بن سليمان

نسبه :

هو الوالد الشيخ/ سليمان بن محمد بن ناصربن سليمان الجربوع .

وأمه هي / منيرة بنت عثمان بن راشد الجلاجل. وأم عثمان هي بنت أمير بريدة في حينه حجيلان بن حمد. والمفارقة التي أحب أن أوضحها هي اجتماع أمارتين في نسب ضيفنا فأبو جده لأمه هو راشد بن جلاجل كان أميراً لبلدة جلاجل في حينه وبعد حدوث نزاع بينه وبين أبناء عمومته ترك بلدته حقناً لدماء أسرته فنزل على أمير بريدة في حينه حجيلان بن حمد فزوجه ابنته فأنجبت له عثمان جد ضيفنا من جهة أمه فجده راشد كان أميراً وجده حجيلان بن حمد كان أميراً وكلاهما من جهة الأم


مولده الزماني والمكاني:

ولد رحمه الله في سنة 1318هـ في مدينة بريدة وتوفي فيها بتاريخ 28/7/1421هـ عن عمر

ناهز 103 أعوام رحمه الله رحمة واسعة وهو أكبر أبناء أبيه.وترك من الأولاد 14 ولداً و7 بنات من ثلاث زوجات. وأولاده الذكور. هم ناصر، إبراهيم، عبد الرحمن، عبدالله (رحمه الله)، عبدالكريم (رحمه الله)، محمد (رئيس مجلس الإدارة السابق للعائلة) ، علي (رحمه الله)، جربوع، صالح، خالد(عضو مجلس الإدارة السابق)، عبد العزيز، منصور، عبد المجيد، أحمد .

مشايخه

لقد تلقى رحمه الله تعليمه منذ شبابه على أيدي كبار علماء بريدة في زمانه حيث حفظ القرآن وأخذ الفقه والتوحيد والتفسير والنحو على يد الشيخ عمر بن محمد بن سليم وأخوه الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم والشيخ عبد الله بن فدا وغيرهم رحمهم الله جميعاً

أشخاص كان لهم الأثر في حياته:

لقد نشأ رحمه الله تحت مضلتين كان لهما الأثر في تنشئته: مضلة علمية وأخرى سياسية واجتماعية ولكل واحدة منهما رجالها فكان من رجال الأولى ممن كان له الأثر البارز في شخصيته العلمية هو شيخه ومعلمه (عمر بن محمد بن سليم (الذي لازمه كثيراً وأخذ عنه جل علومه ومعارفه حتى كان ذلك سبباً في ترشيح شيخه له لتولي مهام القضاء حسبما سنوضحه لاحقاً. أما الشخصية السياسية والاجتماعية التي أثرت به فقد كانت شخصية عمه (عبد الكريم بن ناصر الجربوع) الذي طالما كان يحدثنا عن كثير من مواقفه المصيرية سياسياً واجتماعياً والتي كان ينقاد لها الجميع بلا استثناء بل أن أكثر اجتماعات ومشاورات أعيان بريدة في قضاياهم الداخلية والخارجية كانت تدور رحاها في مجلس عمه وبحضور كبار رجالات بريدة في حينهم وكان يحضرها وهو شاب للقيام بخدمة عمه وضيوفه ولقد كان يذكر لنا أن نقاشاتهم وحواراتهم كانت تطول و في نهاية الأمر يخرجون متفقين غالباً على الرأي الذي يطرحه عمه عبد الكريم الناصر. وكان ممن زامن عمه من رجالات بريدة الوجيه / فهد العلي الرشودي / و عبد الرحمن وعبد الله الربدي / وحمود المشيقح / ومحمد العبد الرحمن الشريدة / وسليمان العيسى / وغيرهم ممن لا تستحضرهم الذاكرة.

بذله وعطاؤه لدينه ووطنه:

  1. لقد ذكرنا سابقاً أن الوالد رحمه الله قد رشح للقضاء من قبل شيخه الشيخ عمر بن سليم وذلك استجابة لطلب الملك عبد العزيز رحمه الله للشيخ عمر أن يرشح من يراه مؤهلاً لتولي وظيفة القضاء من تلاميذه وقد رشحه شيخه فما كان منه إلا أن امتثل فصدر توجيهه إلى هجرة العظيم من توابع أمارة حائل فخرج إليها قاضياً وإماماً ومكث فيها 27 سنة كان خلال هذه السنوات يتردد على أبويه وأخوته وأبنائه حيث كان هو كبيرهم والقيم عليهم.
  2. ثم بعد هذه السنوات الطويلة صدر أمر الملك عبد العزيز رحمه الله بتوجيه الوالد إلى هجرة الأرطاوية والتي كانت من قبله مقراً للإخوان وأميرهم فيصل الدويش وقد أدرك ضيفنا بعضاً منهم وأبنائهم فمكث بينهم 23 سنة قاضياً وإماماً ومعلماً.
  3. وخلال توليه لوظيفة القضاء صدر أمر الملك عبد العزيز رحمه الله للوالد بالخروج على رأس كوكبة من أهل العلم ليتوجهوا إلى جنوب المملكة وبالتحديد إلى غامد وزهران للقيام بوظيفة الدعوة والإرشاد وكانت وسيلة السفر هي ظهور الإبل وقد رافقه بتلك الرحلة من أبنائه ناصر و إبراهيم.

وقد حدثني عن هذه الرحلة الشيخ/ صالح بن فريج أمام جامع عفيف وقد التقيت به عام1412 هـ عندم صدر تعييني قاض بمحكمة عفيف وأخبرني أنه كان من المرافقين للوالد بهذه الرحلة.

واذكر أن الوالد ذكر لنا رحمه الله قصة عجيبة خلال رحلته الدعوية فقد ذكر لنا أنه دعي لزيارة أحد المعمرين فلما دخلوا عليه وجدوا عنده سبعة رجال يقوم هذا المعمر على خدمتهم فكان يقول فظننا أن هؤلاء أخوان له أكبر منه فتبين لنا من حديثه أنهم جميعاً أبناء لهذا الرجل المعمر وكان هو يرفل بصحة وعافية.

عبادته :

منذ عرفته ووعيته رحمه الله وأنا أعرف جده واجتهاده بالعبادة من غير تكلف فلقد حفظنا ونحن صغاراً وقت نومه واستيقاظه فكان يخلد للنوم بعد العشاء مباشرة وما كان يستجيب للدعوات ولا للمناسبات حتى مناسبات أبنائه وأحفاده يجلس معهم قبل العشاء وبعد الصلاة ينصرف للنوم ليستيقظ قرابة الساعة 12 مبتدءاً صلاة الليل حتى يقترب موعد صلاة الفجر ثم يخرج لإيقاظ أهل بيته لصلاة الفجر.وكان من حرصه على صلاة الجماعة أني لم اذكره منذ وعيته أنه شارك أهل بيته برحلة أو نزهة برية لا صيفاً ولا شتاءً.

أما في رمضان فكان له شأن آخر فقد كان يلغي كل ارتباطاته ومواعيده ليتفرغ للعبادة ولقراءة القرآن وختمه فكنا لا نراه إلا فترة القيلولة أو عند الإفطار وبقية وقته في المسجد.

ولقد حج عدة مرات على الإبل وكانت إحداها بوالده قبل وفاة والده وحين كان قاضياً بهجرة العظيم ولما تفضل الله سبحانه وتعالى على الناس بالسيارات والطرق المعبدة فقد حج كثيراً واعتمرا كثيراً مع أبنائه وأهله.

جهاده:

حينما عزم الملك عبدالعزيز رحمه الله على فتح حائل كان أهل العلم في مقدمة المستجيبين لندائه ولي الأمر وكان الوالد ضمن حاشية شيخه الشيخ عمر بن سليم ولقد أخبرنا رحمه الله أنه كان وقت القتال يقاتلون ويحفزون المقاتلين وفي فترات الراحة والهدوء يتحلقون عند شيخهم لتلقي دروس العلم في مسائل الجهاد وأحكامه وكان يذكر أن الملك عبد العزيز رحمه الله يواظب على حضور هذه الدروس ويشارك في النقاش حولها.


جهوده في خدمة مصالح أسرته:

  1. بعد تقاعده من القضاء وبعد مضي قرابة 50 عاماً وهو مغترب عن مدينته عاد الوالد إلى مسقط رأسه ومرتع صباه إلا أن عودته كانت تترقبها الأحداث فقد توفي غالب أعيان الأسرة وكان آخرهم أخوه عبد الله الذي كانت أنيطت به مهمة القيام على أوقاف الأسرة وبعد وفاته حمل لواء الدفاع عن تلك الأوقاف وسخر علمه وخبرته القضائية للوقوف أمام الطامعين فكان مدافعاً ومنافحاً في ساحات القضاء حتى استطاع أن ينقض أحكاماً صدرت بها صكوك وميزت وكانت قضية قليب وشعيب الطعمية التي هي سبيل الجد الأول سليمان أكثر القضايا التي أخذت من وقته وصحته. واذكر أنه حين أصدر القاضي حكمه ضد آلجربوع قدم الوالد اعتراضه وكان اعتراضاً موثقاً بالأدلة وبأقوال أهل العلم إلا أن القاضي لم ينظر في اعتراضه وبعد تمييزه من هيئة التمييز كان يقول رحمه الله والله إن حق الجربوع في هذه القضية واضح مثل وضوح الشمس ولكن ليس كل مجتهد مصيب. وبعد مصادقة هيئة التمييز على الحكم رفع طلباً لوزير العدل بعرض القضية على مجلس القضاء الأعلى فرفض الوزير طلبه. فما كان منه إلا أن توجه لمقابلة خادم الحرمين الملك فهد رحمه الله في اليوم الذي كان قد خصصه للالتقاء بالعلماء والقضاة وحين صافحه سلمه خطابه الذي يطلب فيه عرض الحكم على مجلس القضاء الأعلى ومما قاله في ذلك اللقاء للملك قوله أني قاضي وأعرف الحلال والحرام و والله لو علمت أن ما أطالب به لا يحل للجربوع ما عرضت عليك مشكلتي ولتعلم يا خادم الحرمين أن ما أطالب به لا يدخل في ملكي منه شيئا وإنما هو حقوق رجال طالما وقفوا مع والدك وبذلوا له الغالي والنفيس ثم حكى له مآثر آل جربوع مع الملك عبد العزيز وأن الملك عبد العزيز عندما دخل بريدة كانت منازل ومزارع ال جربوع هي مقره وجيشه فكان الملك عبد العزيز يحفظ لهم هذه المآثر حتى عين عبد الكريم الناصر على بيت مال بريدة واقر ابنه من بعده عليه دلالة على قوة الروابط بين أولئك الرجال لأجل تلك العلاقة تحملوا بذلك مآسي ومحن دونها التاريخ ولا يرجون الأجر بما قدموه إلا من الله فليس هذا جزاؤهم.. عندها قال له خادم الحرمين رحمه الله وترضى بعد ذلك قال نعم في الدنيا فصدر قراره رحمه الله بإحالتها على مجلس القضاء للنظر في حكم القاضي فنقض مجلس القضاء الحكم ونظرت القضية من جديد فصدر بها صك لصالح الجربوع وبذلك تحقق مسعاه رحمه الله رحمة واسعة
  2. ومن ذلك دفاعه عن أملاك أجداده المشهورة والواقعة شرق مقبرة الخبيب والتي تقوم عليها اليوم مؤسسات حكومية كمستشفى بريدة المركزي وإدارة التعليم ومتوسطة أبي عبيدة والعزيزية سابقاً وقد أوصل الدعوى إلى مقام الملك فيصل رحمه الله وفي تلك المرحلة توفي عدد من شهود الدعوى وكانوا كباراً في السن وبموتهم فقد الوالد أهم أدلته وبراهينه وعندها ترك الدعوى لا عجزاً ولكن لانعدام الأدلة التي يبنى عليها الحكم الشرعي
  3. ومن ذلك اهتمامه بقبور رجالات الأسرة فقد كان على كبر سنه يوليها رعايته فيصلح منها ما اندثر ويكثر من زيارة قبورهم والدعاء لهم وكأنهم قد ماتوا بالأمس فما أشد حنينه ووفاءه لهم رحمهم الله رحمة واسعة.

علاقته بالملوك وتقديرهم له.

لقد كان تولية للقضاء مدة طويلة سبباً في تلك العلاقة التي نشأت بينه وبين الملوك خصوصاً الملك الموحد عبد العزيز رحمه الله وكذلك الملك سعود رحمه الله من بعده وسأرفق بعض المكاتبات التي تدل على ذلك علماً أن أكثرها قد فقد لطول العهد، ولقد كانت تلك المكاتبات إما استجابة لطلب من الوالد في تحقيق شيئاً منا المصالح العامة أو طلب من الملوك له بأخذ البيعة لهم ممن تحت ولايته القضائية.

مواقف خالدة من سيرته

الموقف الأول/

لقد حدثنا الوالد رحمه الله تعالى عن قصة حدثت له فترة وجوده بهجرة العظيم مع أحد رجال أمير حائل في ذلك الحين الأمير عبد العزيز بن مساعد رحمه الله فقد كان من عادة أمير حائل إرساله بعض الرجال يجمعون الزكاة من البادية والمزارعين وذات يوم تبلغت بمقدم أحد أولئك الرجال وأخبرت أنه يقوم بخرص زكاة التمور بطريقة غير صحيحة وفيه إجحاف بحق المزارعين مع قلة محصولهم وشدة حاجتهم فقدمت إليه وبعد معرفتي لطريقته خطأته وبينت له الكيفية الشرعية فلم يستجب لي يقول رحمه الله بل تطاول علي بالكلام عندها انصرفت من عنده ثم كتبت خطاباً شديد اللهجة لأمير حائل وذكّرته بالله وبأن هذا العمل إن كان عن رضا منه فإنه لا يرضي الله ولا يرضي إمام المسلمين الملك عبد العزيز وبعثته له مستعجلاً ثم بلغني الرسول أن الأمير لما قرأ الخطاب غضب غضباً شديداً وكان رحمه الله ذو سطوة ومهابة فكان مما قاله عند قراءته لخطابي والله إن كان ما يقوله ابن جربوع عن رجالي غير صحيح وتقولاً على جباة الزكاة سوف يكون لي معه شأن وإن كان ما يقوله هو الحق والصواب لأعاقبن الجابي عقاباً شديدا ثم عرض أمير حائل خطاب الوالد على قاضي حائل في ذلك الوقت وكان قاضيها هو الشيخ/ حمود الشغدلي رحمه الله فكتب على ظهر الخطاب العمل على ما أفتى به قاضي العظيم ابن جربوع فلما بلغ الخبر جابي الزكاة وهو بالعظيم ومن شدة رعبه من ابن مساعد أصيب بإسهال أيام متتالية مات على إثرها.

الموقف الثاني/

حدثني به زميل الدراسة والقضاء الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الصقعوب قاضي محكمة خميس مشيط سابقاً- وهو رجل طالب علم متمكن وله نشاط دعوي ولا أعرف عنه إلا كل خير هكذا أحسبه والله حسيبنا جميعاً - وقد تعين مدرساً بالأرطاوية بعد إعفائه من القضاء بناءً على طلبه وهو الآن مدرساً بمعهد بريدة العلمي؛ يقول حدثني فترة مكثي في الأرطاوية أحد رجالات الإخوان واسمه ( مسلط القحص رحمه الله ( وهو من الذين عاصروا الشيخ سليمان بن جربوع : بقوله أصبنا سنة من السنين بجدب وقحط فواعدنا الشيخ ابن جربوع وكان هو إمامنا للخروج لصلاة الاستسقاء يقول فوالله ما أنهى خطبته إلا والسماء تتلبد بالغيوم فمطرنا بفضل الله أياماً عديدة حتى كادت تتهدم بيوتنا وكانت من الطين ثم طلبناه أن نصلي ليخفف الله عنا فجمعنا وصلى بنا فخف عنا نزول المطر بفضل من الله وصدق نوايا أولئك الرجال. فرحمهم الله جميعاً .

جمع وترتيب ابنه / عبد العزيز بن سليمان الجربوع.

رئيس قسم القضايا والمرافعات بالهيئة الملكية بالجبيل





Notice: While Javascript is not essential for this website, your interaction with the content will be limited. Please turn Javascript on for the full experience.