سيرة الشيخ / عبدالكريم الناصر الجربوع

أحد أعيان مدينة بريدة في زمانه

توطئة:

يقول الشيخ طاهر الجزائري المتوفَّى بدمشق عام 1339هـ/1920م وهو أحد أهمِّ أعلام النهضة الحديثة، وشيخ خيرالدين الزركليُ صاحب الأعلام وهو يشير إلى أهمية الالتِفات إلى الكتابة عن الأعلام، فيقول: "اذكُروا مَن عندكم من الرجال الذين ينفعونكم في الشدائد، ودوِّنوا أسماءهم في جريدة لئلا تَنسوهم، ونوِّهوا بهم في كلِّ سانِحة، واحرِصوا عليهم حِرْصكم على أعزِّ عزيز؛ ذلك لأن الكتابة عن الأعلام تضَع بين يدي الأبناء صورًا مضيئة للطريق، تُعرِّفهم الذين صنَعوا الحضارة، وتُبصِّرهم بالأشخاص الذين قدَّموا للحياة خُلاصةَ تَجارِبهم وثمرةَ أعمالهم فأفْلَحوا وأنجَحوا، ومن هنا تكون تلك الكتابة حافِزًا للأبناءِ على مواصلةِ الطريقِ على النَّهج القويم، ونحن نَعجَب اليوم بالمقامات الشامخة لأعلام ما تزال سِيَرهم العطرة حيَّةً بيننا نُفاخِر بها في قائمة تَطول.

من هذا المنطلق ومع قلة المحصول في ما يتعلق بحياة ضيفنا نتيجة انعدام التوثيق وطول العهد وفناء معاصريه سواء من الطبقة الأولى أو الثانية واندراس الوثائق إلا أن شخصية بوزن عبدالكريم الناصر الجربوع رحمه الله تحتم على أحفاده وقرابته العمل على إبرازها لتعريف الأجيال المعاصرة واللاحقة بها لا لشيء إلا كونه أحد أهم و أشهر أعيان بريدة في زمانه فدعوتي لمحبي هذه العلم بذل الجهد في لملمة ما أمكن من أخباره وآثاره ومواقفه التاريخية سواء ذات الشأن الداخلي بمجتمع بريدة مع بعضهم البعض أو مع من تعاقب على حكم بريدة من الأمراء أو ما يتعلق بالشأن العام لمجتمع بريدة مع من يحيط بهم من القرى والقبائل والزعامات خصوصاً مع المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله الذي كان لأعيان بريدة وفي مقدمتهم ضيفنا مواقف مؤيدة ومشرفة واجهوا بسببها الكثير من الصدامات والحروب.

1- اسمه :

هو الوالد الشيخ/ عبدالكريم بن ناصر بن سليمان بن محمد الجربوع .

ووالده ناصر كان زعيم بريدة في زمانه وإليه يرد الرأي والمشورة فهو الذي وقف في وجه ابن أخته أمير بريدة عبدالعزيز بن محمد العبدالله آل بوعليان عندما نقض بيعة الإمام فيصل بن تركي. والجد ناصر هو الذي قال فيه سليمان القفاري المعروف بأبي القفارات أتمنى من يعيش يشوف حمولتين وش يصيرون إذا مات حصانهم من يعيش يشوف وش يصيرون الجربوع عقب ناصر ويشوف أبالخيل عقب مايموت مهنا.

ولادته ونشأته/

ولد في مدينة بريدة سنة 1270هـ ونشأ نشأة صالحة في كنف والده الذي كان أحد أعيان بريدة ووجهائها حيث كان والده على بيت المال لآل سعود قبل توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله شب ضيفنا بأحضان والده واشتغل معه في تجارته وفلاحته فأتقن ذلك كله مما جعله يتولى ويباشر رعاية مصالح أبيه وهو في سن مبكرة

• ذريته:

كان له من الأبناء اثنان(صالح و سليمان) اما صالح فقد قتل في طريق العودة من الحج وكان من كبار تلاميذ الشيخ عمر بن سليم وأما سليمان فقد خلف والده في مصالحة ومكانته.

• طلبه للعلم/

لم تمنعه مشاغله الكثيرة من طلبه للعلم فقد كان يلازم علماء مدينته ويقرأ عليهم في أغلب أوقات فراغه وقد قرأ على الشيخ سليمان بن علي المقبل والشيخ محمد بن عبدالله بن سليم والشيخ عمر بن محمد بن سليم وغيرهم من علماء بريدة إلا أن أكثر أخذه كان عن الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم.

• وقد كان رحمه الله تعالى محباً لعلماء آل سليم ومناصراً لهم ومن الذابين عنهم إبان الفتن التي وقعت عليهم من امير بريدة آنذاك ومن صور محبته لهم واعزازهم أنه عندما توفي شيخه محمد بن عبدالله بن سليم جلس ضيفنا عبدالكريم الناصر لطلب العلم على الشيخ عمر بن الشيخ محمد بن سليم مع أن ضيفنا كان يكبر الشيخ عمر بثلاثين سنة وكان سن الشيخ عمر آنذاك لم يتجاوز الثلاثين كل ذلك بقصد إظهار مكانة الشيخ عمر أمام اقرانه من طلبة العلم وعموم الناس فإذا قيل أن عبدالكريم الناصر يقرأ على الشيخ عمر كان لذلك شأن في نفوس الخاصة والعامة فأدركوا بذلك مكانة الشيخ عمر.

• زعامته الاجتماعية/ بعد وفاة والده ناصر حل محل أبيه في الزعامة لما عرف من فضله ودينه فصارت له مكانة مرموقة في مجتمع بريدة وأصبح أحد زعمائها من ذوي النفوذ فكان بحق رجل دين ودنيا فكان مجلسه مجمع للعامة والخاصة فكان له مجلس كل صباح يحضره عدد من طلبة العلم يقرأ فيه بأحد الكتب فيجري التباحث والنقاش في موضوع قراءتهم، وفي غيرها من مسائل العلم ثم في نهاية مجلسهم يتناولون طعام الغداء ويتفرقون.

كما كان يلتقي عنده كبار أعيان بريدة من العلماء و أهل الحل والعقد فلا يبرم ولا ينقض أمر يخص مجتمع بريدة إلا في مجلسه الأمر الذي بنى ثقة بينه وبين الإمام عبدالعزيز فجرت بينهما كثيراً من المراسلات في الفترة التي سبقت دخول الإمام عبدالعزيز لبريدة فكان ضيفنا على رأس وجهاء وأعيان بريدة الذين سهلوا للإمام عبدالعزيز دخول بريدة ولمكانة ضيفنا الكبيرة لدى الإمام أنه عند دخوله بريدة قصد مباشرة منزل عبدالكريم الناصر داخل بريدة فبات فيه هو ومن معه أول ليلة بعدما جهز لهم وخرج عبدالكريم وأفراد أسرته الى بساتين آل جربوع جنوب بريدة ثم من الغد أخذت للإمام البيعة في نفس منزل عبدالكريم ولم ينافسه أحد من اعيان بريدة على ذلك لمكانته عندهم، وبعد هذه البيعة انطفأت نيران الفتنة واستراح أهل بريدة من ظلم وتسلط من كان يحكمهم من قبل.

ولما استقر الأمر للإمام عبدالعزيز فوض عبدالكريم الناصر على بيت مال القصيم وقال له الإمام عبدالعزيز لا محاسب لك على بيت المال واستمر على بيت المال إلى أن توفى رحمه الله سنة 1340هـ فخلفه على بيت المال ابنه الوحيد سليمان ومشى على سيرة والده وليس عليه محاسب واستمر في ذلك الى أن طلب من الإمام عبدالعزيز إعفاءه من ولاية بيت مال القصيم فتم له ذلك سنة 1352هـ

جمع وترتيب/

عبد العزيز بن سليمان بن محمد بن ناصرالجربوع.

الجبيل الصناعية


المراجع:

1/ كتاب تذكرة اولى النهى والعرفان للشيخ إبراهيم بن عبيد رحمه الله

2/ علماء آل سليم وتلامذتهم للشيخ صالح العمري رحمه الله

3/ معجم أسر بريدة للشيخ محمد العبودي



Notice: While Javascript is not essential for this website, your interaction with the content will be limited. Please turn Javascript on for the full experience.